جريدة عنب بلدي – العدد 38 – الاحد – 11-11-2012
ذاك الذي أحبَّ لقاء المولى فأحب الله لقاءه، فتنته الحور العين فلم يجد بديلًا عن الشهادة، لم تلهه دراسة ولا أهل ولا دنيا… فاشترى الآخرة، غضّ الطرف عن كل جميل فكان كالقمر ليلة اكتماله، خطّط للموت بطريقته الخاصة!! فالشهادة هدية لمن يستحق… واستحقها بجدارة.
إنه الشهيد رضوان الدعّاس الملقب بـ (أبو حمزة الصغير) من مواليد 1993م، يدرس في جامعة دمشق (قسم الرياضيات). وفي الفصل الثاني من سنته الدراسية الأولى اندلعت الثورة السورية فكان دائمًا في الصفوف الأولى مع أوائل الشبان المشاركين في مظاهرات الكرامة.
رضوان شاب مثقف واعٍ من أشدّ الناس التزامًا بالدين، وهو يحفظ حوالي نصف القرآن… كان في حياته محافظًا على صلاة الفجر في جماعة ولا يقطع صلاة الليل. كان شديد الغَيرة على دينه، وكان دائمًا يقول: «هدفي في هذه الدنيا أن أحرر المسجد الأقصى، وأن أرفع راية الإسلام في كل أرجاء الأرض، وأتمنى أن أكون لَبِنَة في هذا الطريق».
كنت تراه تارة يبكي على أحوال المسلمين وتارة أخرى تراه يذرف الدموع عندما يسمع القرآن أو حينما يناجي ربه أو عندما يصلي… تقول أمه.
وفي الشهر الثالث من الثورة ألقى خطبة الجمعة لأسبوعين متتاليين في جامع نور الدين الشهيد في مدينته «داريا» جهر فيهما بكلمة الحق، فأرسل إليه المسؤولون عن المسجد بلاغًا يمنعه من الخطابة بعدها…
كان شديد الحماس والاندفاع فاعتقل لمدة 6 أيام إثر مشاجرة وقعت بينه وبين أحد الضباط في المعسكر الجامعي بسبب نقاش حول الثورة. وفي اليوم التالي لخروجه من المعتقل عاد إلى العمل الثوري بقوة أكبر وعزيمة أشد… وكان في الصفوف الأولى من المظاهرات…
رضوان حمل السلاح مبكرًا في داريا وانضم للجيش الحر بعد استشهاد صديقه غياث مطر. وشارك في العملية الأولى التي استشهد على أثرها البطل أسامة الشيخ يوسف، ثم انتقل بعدها إلى درعا وانضم إلى الجيش الحر هناك حيث بقي في صفوفه حوالي الثلاثة أشهر، ثم عاد بعدها إلى داريا ليكمل طريقه في الجهاد بين أبناء بلدته.
وبعد أن أكرمه الله ببلوغ شهر رمضان، وبعد جهاد ورباط زادا عن مائتي يوم في صفوف المجاهدين المدافعين عن الحق لإعلاء كلمة الله، وفي ثاني أيام عيد الفطر وبعد أن بدأت مواجهات الجيش الحر مع قوات النظام إثر قصف مدينة المعضمية في 21\8\2012م ثم اقتحام مدينة داريا في اليوم التالي والحملة التي استمرت بضعة أيام، كان رضوان مع المجموعات المدافعة عن البلدة وأهلها. وفي يوم 24\8\2012م تم استهدافه بقذيفة دبابة غاشمة أردته شهيدًا ليرتقي إلى جوار ربه وينال ما كان يصبو إليه ويحلم به .
رضوان دعاس…. أنت ورفاقك… بأمثالكم سننتصر… بتضحياتكم وإيمانكم وحسن نواياكم…
إلى جنان الخلد يا شهيد الحرية.