“شمعة لنتذكر”.. حملة للتذكير بالمعتقلين في سجون النظام السوري

  • 2020/10/22
  • 6:59 م

سجين خلف القضبان - 22 من تشرين الأول 2020 - تعبيرية (عنب بلدي)

“هذا الألم قاسم مشترك بين ذوي المعتقلين والمغيبين، وأنا أؤمن بدور الذاكرة في تحقيق العدالة”، هكذا تحدثت جمانة حسن لعنب بلدي، وهي إحدى الناجيات اللواتي اُعتقلن في سجون النظام السوري، عن سبب مشاركتها بمبادرة “شمعة لنتذكر”، التي تهدف للتذكير بالمعتقلين الذين ما زالوا مخفيين قسرًا، إذ يضيء الناجون والناجيات من التعذيب شمعة، ويذكرون قصص من لم ينجوا.

وترى جمانة أن العدل لا يُحقق إلا من خلال شهادة الناجين، وقالت إن “المجرمين يحاولون إلغاء ذاكرتنا وتشويهها لمحو أفعالهم، فكم من قصة سُردت، وشهادة رويت في المحاكم بالفترة الأخيرة، كانت سببًا لوقوف أشخاص أمام المحكمة لمحاسبة من كانوا ضمن آلة التعذيب في سوريا”.

رمزية الحملة وأهدافها

وأطلقت مبادرة “تعافي”، في 20 من تشرين الأول الحالي، حملة مرفقة بوسم “شمعة لنتذكر” على وسائل التواصل الاجتماعي، وترعاها منظمة “كش ملك“، وتضم مجموعة من الناجين والناجيات من الاعتقال، تدعم الناجين أمثالهم وتمكنهم من تفعيل دورهم الأساسي للوصول إلى العدالة، كما وصفها أحمد حلمي، مدير مبادرة “تعافي”، في حديثه إلى عنب بلدي.

وقال أحمد حلمي، إن هذه الحملة جاءت لوجوب تذكر المعتقلين الذين كانوا بوصلة أساسية في النضال من أجل سوريا، وفي الفترة الأخيرة، لاحظ الفريق بعض الجهود الدولية الجادة للسعي إلى تحقيق العدالة، ووجد أن الوقت مناسب لتسليط الضوء على الضحايا من خلال الشموع، ولإبداء تفاعل الناس مع هذا الموضوع.

وشرح حلمي أن الفكرة من الشمعة إظهار عدد الضحايا والمغيبين عن أهلهم، بطريقة تحمل إحساسًا، فالشمعة ترمز للنور، وفي حال توقفت هذه الأصوات عن المطالبة بحق المعتقلين، ستنطفئ الشموع ويسود الظلام.

ولا شيء سيساعد المعتقلين بشكل مباشر وفوري، لكن الوصول إلى الحل هو جهد جماعي، وهذه الحملة هدفها “زيادة الضجة”، وستبدي اهتمام السوريين بهذه القضية أمام المجتمع الدولي وصنّاع القرار، كما قال حلمي.

بالإضافة إلى إبراز هذا الملف كأولوية قصوى لدى أغلبية الشعب السوري، إذ يؤكد الناجون من خلال مشاركتهم أن خروجهم من المعتقل لا ينهي قصتهم، بل سيزيد نضالهم وكفاحهم حتى انتهاء الاعتقال والتعذيب.

وكان مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالشؤون السورية، جويل ريبورن، أكد في حديث سابق إلى عنب بلدي، أنه لا يمكن الوصول إلى حل سياسي في سوريا دون معرفة مصير المعتقلين والمختفين قسريًا.

وفي رد على سؤال عنب بلدي، حول الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة بالضغط نحو معرفة مصير آلاف المعتقلين والمختفين لدى أطراف النزاع وخاصة في أقبية النظام السوري، بيّن ريبورن أن هذا الملف ينال اهتمامًا كبيرًا من قبل المجتمع الدولي وليس فقط من قبل الولايات المتحدة.

وأضاف أن المجتمع الدولي والولايات المتحدة تشترط لعودة العلاقات الجيدة مع النظام أن تجري مساءلة ومحاسبة جميع الضالعين بهذا الملف، وخصوصًا المسؤولين الذين ارتكبوا أعمال التعذيب والقتل بحق المعتقلين، إلى جانب التأكيد على ضرورة وقف الاعتقالات التي باتت تشكل نهجًا مستمرًا يتبعه النظام.

إلى أي مدى تؤثر الحملة

في تقرير مصوّر للحملة، نشرته عبر صفحتها في “فيس بوك“، أظهر عددًا من الناجين يتحدثون عن عدم أهمية نجاتهم إن لم يخرج المعتقلون المتبقون في السجون.

وقال حلمي، إن الناجين يعملون على إنشاء تقرير، سعيًا لعملية مناصرة مبنية على أبحاث وأدلة، يدرسون من خلاله تأثير أداة الاعتقال التي استخدمها النظام السوري، لإبعاد المعتقلين والناجين عن الشأن العام وإسكات صوتهم.

وسيدرس التقرير مدى مشاركة الناجين من الاعتقالات بحملات تناصر قضايا المغيبين، وانخراطهم بالشأن العام ورضاهم عن العمل على هذه القضية.

ومن أكثر الأشياء التي لفتت نظر حلمي والقائمين على الحملة، أن أغلب الناجين الذين دُرس وضعهم، كانوا يفكرون بطرق عاجلة لإخراج أصدقائهم من المعتقلات، ولم يفكروا بطلب تعويض جبر لأنفسهم، وأولوياتهم كانت غيرية.

حليم كاوا، مدير المناصرة في منظمة “كش ملك”، قال لعنب بلدي، إن التفاعل كان كبيرًا من جميع فئات السوريين، ما أدى إلى وصول الحملة إلى صحفيين عرب وأجانب، وإلى الآن كان الانتشار والتفاعل كبيرًا، بحسب تعبيره.

وأضاف كاوا، “نحن لا نتوقع أن يفرج عن المعتقلين من خلال هذه الحملة، لكن يكفي أننا نذكرهم ونتضامن مع بعضنا ليصلوا إلى حريتهم، أو للكشف عن مصيرهم”.

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود 129 ألفًا و989 معتقلًا في سجون النظام، 85% منهم قيد الإخفاء القسري.

ووفقًا للتقرير السنوي التاسع، الذي أصدرته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، فإنه منذ آذار 2011 حتى حزيران  الماضي، قُتل ما لا يقل عن 14388 شخصًا بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سوريا، 14235 منهم قُتلوا على يد النظام السوري، بينهم 173 طفلًا و46 سيدة.

مقالات متعلقة

  1. لسن ناجيات بعد.. معتقلات سابقات يشاركن آلامهن
  2. منى عثمان.. مبادرة شخصية لمساعدة المعتقلات
  3. ناجيات وناجون يتحدثون عن خذلان ما بعد المعتقل
  4. ناجون سوريون يروون فصولًا من مأساة التعذيب في المعتقلات

معتقلون وسجون

المزيد من معتقلون وسجون