د. أكرم خولاني
إن إصابة المريض بارتفاع التوتر الشرياني (ارتفاع الضغط) يعرضه لخطورة متزايدة لأذية الأعضاء المستهدفة (الشبكية والدماغ والقلب والكلية والشرايين الكبيرة)، ولذلك فإن الهدف الأساسي من العلاج هو حماية الأعضاء المستهدفة من حدوث مضاعفات على المدى البعيد، إضافة لعلاج سبب المرض في حالات ارتفاع التوتر الشرياني الثانوي.
ما مضاعفات ارتفاع التوتر الشرياني غير المنضبط
قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم غير المُسيطر عليه إلى مضاعفات تتضمن:
- النوبات القلبية والسكتات الدماغية: يسرع مراحل التصلب العصيدي حيث يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى تصلب وزيادة سمك جدران الشرايين، ما يؤدي إلى النوبات القلبية، والحوادث الوعائية الدماغية.
- أمهات الدم: قد يسبب ارتفاع ضغط الدم ضعف الأوعية الدموية وانتفاخها، ما يكوّن أم الدم، و تمزق أم الدم، ويمكن أن يكون مهددًا للحياة.
- الفشل القلبي: يضطر القلب للعمل بجهد أكبر، وهذا يسبب ازدياد سمك جدران البطين الأيسر (تضخم البطين الأيسر)، وقد تواجه العضلة السميكة صعوبة في ضخ دم كافٍ لتلبية احتياجات الجسم، ما يؤدي إلى فشل القلب.
- إصابة الكلى: يسبب أوعية دموية ضعيفة في الكلى، وهذا قد يمنع الكلى من العمل بصورة طبيعية.
- إصابة العين: يسبب الأوعية الدموية السميكة والضيقة أو الممزقة في العين، ما قد يؤدي إلى تشوش الرؤية وربما فقدان البصر.
- المتلازمة الاستقلابية: هذه المتلازمة هي مجموعة من الاضطرابات في عملية التمثيل الغذائي في الجسم، التي تتضمن البدانة (زيادة محيط الخصر)، وارتفاع مستوى الأنسولين في الدم، وارتفاع الدهون الثلاثية، وانخفاض الكوليسترول الحميد (HDL)، إضافة إلى ارتفاع ضغط الدم، وهي تؤدي إلى زيادة التعرض للإصابة بالداء السكري و أمراض القلب والسكتة الدماغية.
- مشكلة في الذاكرة أو الاستيعاب: قلة القدرة على التفكير، والتذكر، والتعلم، واستيعاب المفاهيم.
- الخَرَف: قد تُقلِّل الشرايين الضيقة أو المسدودة من تدفق الدم للمخ، ما يؤدي إلى نوع محدد من الخرف يسمى “الخَرَف الوعائي” الذي قد ينتج أيضًا عن السكتة الدماغية.
- ارتفاع ضغط الدم الخبيث: حالة إسعافية يحدث فيها ارتفاع الضغط الشديد مع وذمة حليمية العصب البصري، ونزوف الشبكية، واضطراب الرؤية، و الصداع الشديد، والإقياء، والنزوف الوعائية الدماغية، والسبات.
كيف تتم معالجة ارتفاع التوتر الشرياني؟
بداية يجب أن ننبه إلى النقاط التالية: يجب الاستمرار بالمعالجة مدى الحياة، مع الانتباه إلى أن الأعراض ليست مقياسًا لشدة ارتفاع الضغط، كما أنه ولحسن الحظ يتحسن إنذار المرض بالتدبير العلاجي الصحيح والملائم.
وتتألف معالجة ارتفاع الضغط من شقين:
- معالجة لا دوائية: تشمل تعديل نمط الحياة والسيطرة على عوامل الخطورة، مثل التقليل من تناول ملح الطعام وإعداد الطعام بأقل كمية من الملح، وتخفيض الوزن إذا كان المريض يعاني من السمنة، واتباع حمية خاصة في حالة ارتفاع نسبة الكوليسترول أو السكر في الدم، والالتزام بالتمارين الرياضية مثل السباحة والجري بانتظام على أن يبدأ فيها المريض بالتدريج إذا لم يسبق له التمرين من قبل، والإقلاع فورًا عن التدخين، ومنع تناول الكحول، وإيقاف تناول حبوب منع الحمل (للنساء) واللجوء إلى استعمال وسائل أخرى لمنع الحمل.
- معالجة دوائية: تتوفر الآن عدة أصناف من الأدوية لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، ولتي يشار إليها مجتمعة باسم خافضات ضغط الدم، ولاختيار الدواء المناسب يجب أخذ حالة كل مريض بعين الاعتبار (مسن، أسود، بدين، سكري، قصور كلوي، قصور بطين أيسر، داء وعائي إكليلي، قصور قلب…)، ومن بين الأدوية الموصى بها:
- مُدرّات البول: مثل الفيروسيميد (لازيكس)، وهيدروكلورتيازيد، وسبيرونولاكتون.
- حاصرات المستقبلات بيتا (Beta- blocker): مثل أتينولول، بيزوبرولول، بروبرانولول.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE): مثل كابتوبريل، راميبريل، فوسينوبريل، ليسينوبريل.
- حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2: مثل لوسارتان، تلميسارتان، فالسرتان، كانديسارتان.
- حاصرات قنوات الكالسيوم: مثل أملوديبين، ديلتيازيم، نيكاردبين، فيراباميل.
- حاصرات مستقبلات الألفا (Alpha blocker): برازوسين، تيرازوسين، دوكسازوسين.
- حاصرات مستقبلات الألفا- بيتا (Alpha- Beta blocker): مثل كارديفول، لابيتالول.
- مُوَسّعات الأوعية الدموية: مثل هيدرالازين، مينوكسيديل.
الهدف من تطبيق طرق العلاج الدوائي واللا دوائي هو إنقاص الضغط لقيم أقل من 140/90 ملم، وبشكل عام ما لم يكن من الضروري تطبيق العلاج الدوائي الفوري، كما سنوضح لاحقًا، فإن معظم المرضى يجب إعطاؤهم الفرصة لتخفيض ضغطهم بالطرق اللا دوائية لفترة لا تقل عن 3- 6 أشهر، ويمكن اللجوء إلى تناول العلاجات البديلة المخفضة للضغط مثل الثوم، الكاكاو، الكالسيوم، بذور عباد الشمس، اللبن منزوع الدسم، فول الصويا، الموز، زيت كبد سمك القد، الأحماض الدهنية (أوميغا 3).
كيف تُحدَّد طريقة العلاج المناسبة؟
مرضى مرحلة ما قبل فرط ضغط الدم (Prehypertension) حين تكون قيمة الضغط الانقباضي بين 120-139 ملم زئبق، أو قيمة الضغط الانبساطي بين 80- 89 ملم زئبق: يكفي تغيير نمط الحياة ما لم يكن لدى المريض قصور كلوي مزمن أو داء سكري، وإلا فيجب البدء بالعلاج الدوائي.
مرضى المرحلة الأولى من فرط ضغط الدم (Stage1) حين تكون قيمة الضغط الانقباضي بين 140-159 ملم زئبق، أو قيمة الضغط الانبساطي بين 90-99 ملم زئبق: يمكن متابعتهم دون معالجة دوائية والاكتفاء بتغيير نمط الحياة لمدة ستة أشهر، ما لم يكن لديهم أكثر من عامل خطورة قلبي وعائي واحد (عدا الداء السكري)، وليست لديهم أذية أعضاء مستهدفة، أما عند وجود داء سكري أو أذية أعضاء مستهدفة أو إذا كانت المعالجة اللا دوائية غير فعالة فعندها يجب البدء بالمعالجة الدوائية فورًا.
مرضى المرحلة الثانية من فرط ضغط الدم (Stage2) حين تكون قيمة الضغط الانقباضي 160 ملم زئبق وأكثر، أو حين تكون قيمة الضغط الانبساطي 100 ملم زئبق وأكثر: يجب البدء بالمعالجة الدوائية فورًا بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة. والمرضى ذوو الضغط الأعلى من 180/110 ملم يتطلب علاجهم أكثر من دواء واحد عادة.
أما المرضى ذوو الضغط 200/120 أو أكثر فيجب البدء بالمعالجة الفورية لهم، وإذا كانت لديهم أذية في الأعضاء المستهدفة فيجب إدخالهم المشفى.
قد يدمج الطبيب عدة أنواع من الأدوية بجرعة منخفضة، بدلًا من نوع واحد بجرعة مرتفعة جدًا، وقد تبين أن تناول نوعين من الأدوية أو أكثر في آن واحد، في أحيان كثيرة، أكثر فائدة من تناول نوع واحد من الدواء.
بعد النجاح في الوصول إلى مستوى ضغط الدم المطلوب، قد يوصي الطبيب بتناول الأسبرين بشكل يومي، لتقليل خطر الإصابة بأمراض قلبية- وعائية، كما تجب مراقبة ضغط الدم والأدوية الخاصة بالمريض كل 6-12 شهرًا، وينصح القيام بفحص البوتاسيوم في المصل والشحوم الثلاثية والكوليسترول والكرياتينين وبإجراء تخطيط قلب كهربائي (ECG) سنويًا.
ما سبل الوقاية الأولية من ارتفاع ضغط الدم؟
- الحفاظ على وزن الجسم ضمن الحدود الطبيعية (مؤشر كتلة الجسم BMI 20-25 كجم/م²).
- الحد من كمية الصوديوم المتناول ضمن الغذاء إلى أقل من 100 ملي مول في اليوم (أقل من 6 غرامات من ملح الطعام كلوريد الصوديوم).
- الحرص على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي السريع (لفترة تساوي أو تتجاوز 30 دقيقة في اليوم ولمعظم أيام الأسبوع).
- اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضار.
- الامتناع عن التدخين أو شرب الكحول.