عنب بلدي – درعا
كفاءة عالية ووفرة في إنتاج محصول البندورة شهدتها محافظة درعا هذا العام، لكن مع ذلك تعرض المزارعون لخسائر كبيرة سببتها تكلفة الإنتاج المرتفعة، التي حرمت المزارعين من تحقيق هامش أرباح يغطي رأس المال ويضمن حقهم من الربح، ما عرضهم لخسائر خلال موسم قطاف المحصول في أشهر الصيف الماضية (العروة الصيفية).
تنبأ مزارعو البندورة في محافظة درعا بخسارات فادحة، بسبب استمرار انخفاض أسعارها في السوق حتى نهاية الموسم الحالي.
وأرجع المزارعون سبب الخسارة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض أسعار البندورة في أسواق الهال، بشكل لا يتناسب مع تكاليف إنتاج المحصول وتحقيق أرباح “منطقية”.
محمد أبو الخير، من مزارعي مدينة طفس المشهورة بإنتاج البندورة في محافظة درعا، قال لعنب بلدي إن سعر البندورة في أسواق الهال لا يغطي تكاليف الإنتاج من مازوت وأدوية وأسمدة، مشيرًا إلى أن سعر ليتر المازوت وصل إلى 400 ليرة سورية، في ظل غياب الدعم الحكومي هذا العام عن الفلاحين.
وأضاف محمد أبو الخير (35 عامًا) أن زراعة مادة البندورة تحتاج إلى مياه وفيرة، ما يزيد عبء التكاليف على المزارع، فضلًا عن ارتفاع ثمن الأدوية والأسمدة العضوية والأسمدة الكيميائية وانتشار الذبابة البيضاء بين محاصيل البندورة، ما دفع المزارعين إلى رش المبيدات كل أسبوع.
وأردف، “كل هذه الأسباب، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة، أدت إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالنهاية تفاجأنا بانخفاض أسعار البندورة في أسواق الهال، الأمر الذي ألحق الضرر بنا”.
أما “أبو هاني”، وهو سائق سيارة شحن خضار بين درعا وسوق الهال في دمشق، فقال لعنب بلدي إن إنتاج درعا من محصول البندورة لهذا العام كان “وفيرًا”.
وأرجع “أبو هاني” سبب تدني أسعار البندورة في سوق الهال إلى ضعف حركة التصدير الخارجي، ما أدى إلى حدوث فائض من المادة، وأيضًا إلى “الفجوة” التي استغلها التجار في سعر البندورة، من المنتج حتى وصولها للمستهلك.
وأوضح السائق، “يباع كيلو البندورة في سوق الهال بـ 60 ليرة، في حين تشتريه زوجتي بـ 125 ليرة من البقالية”.
المنشآت الصناعية “لا تستوعب الحد المطلوب”
لأن مادة البندورة تُستعمل في صناعة معجون الطماطم (رب البندورة)، توقع المزارعون أن يعوض طلب المعامل هذا العام خساراتهم في المحصول، خاصة مع ارتفاع عدد المصانع في درعا حاليًا.
إذ أشار مدير زراعة درعا، المهندس عبد الفتاح الرحال، في مقابلة مع قناة “الإخبارية” السورية، في 14 من أيلول الحالي، إلى وجود 26 منشأة لتصنيع معجون البندورة في محافظة درعا، مؤكدًا أن جميعها تعمل بطاقة إنتاجية كاملة.
إلا أن المزارع محمد أبو الخير قال إنه بالرغم من نشاط عمل معامل الكونسروة هذا العام، لا تزال دون الحد المطلوب من أجل استيعاب كميات الإنتاج الوفيرة.
وأضاف أن هذه المصانع موجهة للسوق المحلي، ولا تملك حرية تصدير إلى الخارج، ما عرقل إمكانية زيادة طلبها على البندورة ومنعها من إنشاء خطوط إنتاج جديدة.
مدير غرفة زراعة درعا، المهندس جمال مسالمة، تحدث للفضائية السورية عن ضعف في استقبال مادة البندورة وخاصة في ذروة الإنتاج، مؤكدًا ضرورة إيجاد الحلول من أجل استيعاب منتوجات المزارعين كافة.
تضاعف المساحات المزروعة
تضاعفت المساحات المزروعة بمحصول البندورة في محافظة درعا هذا العام، مقارنة بالعام الماضي، حيث شهدت المحافظة تقدمًا ملحوظًا بالنسبة للمساحات المزروعة وكفاءة النوعية والإنتاجية.
المهندس صالح المقداد، رئيس دائرة التخطيط في مديرية الزراعة التابعة لحكومة النظام السوري، قال لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 12 من أيلول الحالي، إن المساحة المزروعة بالبندورة في الموسم الحالي وصلت إلى أربعة آلاف هكتار للعروة الصيفية، وسط توقعات بإنتاج 470 ألف طن، في حين بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالبندورة العام الماضي 1450 هكتارًا أنتجت 186 ألف طن فقط.
وتعتبر البندورة من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في محافظة درعا ويغطي إنتاجها الداخل السوري، إذ تصدر إلى معظم المحافظات السورية، وقد توقع المزارعون هذا العام تحسنًا كبيرًا في أسعارها بعد فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، إلا أن استمرار ضعف حركة التصدير خيب آمالهم.