أعلن بوريس جونسون فوزه بمنصب رئيس الحزب المحافظ وبالتالي رئيس وزراء بريطانيا، اليوم 23 من تموز، بعد أن قطع وعدًا بإنهاء أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، المعروفة باسم “بريكست” والمستمرة منذ ثلاث سنوات، بحلول 31 من تشرين الأول المقبل.
حصل جونسون على نسبة 66% من الأصوات، متفوقًا على غريمه وزير الخارجية جيريمي هانت، بعد أن كان أكثر المرشحين حظًا لنيل المنصب منذ أن أعلنت تيريزا ماي استقالتها في 24 من أيار الماضي.
وكرر جونسون وعده الانتخابي ما إن تم الإعلان عن النتيجة عبر حسابه في “تويتر” شاكرًا ثقة ناخبيه ومؤكدًا أن وقت العمل “قد بدأ”.
Thank you all for the incredible honour you have done me. The time for campaigning is over and the time for work begins to unite our country and party, deliver Brexit and defeat Corbyn. I will work flat out to repay your confidence
— Boris Johnson (@BorisJohnson) July 23, 2019
غريب الأطوار وذو شعبية كبيرة
عُرف بوريس جونسون بغرابة الأطوار وشعبيته الكبيرة التي نسبت إلى كونه ممتعًا وفكاهيًا، وقورن مرارًا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع مواقفه الصادمة وصراحته ومع ما اتهمه به نقاده من عدم الصدق والكسل، ولكنه روج لنفسه على أنه خليفة “وينستن تشرشل” الجديد، بنشاطاته الأدبية ومواقفه السياسية الحازمة.
ولد جونسون في 19 من حزيران 1964 وعمل في سلك الصحافة وألف كتبًا تاريخية قبل أن يدخل سلك السياسة في الحزب المحافظ ويتولى منصب عمدة لندن ومنصب وزير الخارجية.
يمتاز بأصوله المتنوعة، التي نسبت لها مواقفه المؤيدة للمهاجرين رغم دوره في الحزب المحافظ، فقد كان جده الصحفي التركي الشيشاني المسلم، علي كمال بك، ويعود نسب والده إلى ملك بريطانيا جورج الثاني، وتملك والدته أصولًا يهودية روسية، ولد كاثوليكيًا ثم تحول إلى الطائفة الأنجليكية التي يتبعها عموم البريطانيين.
عاش جونسون طفولته في الولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها إضافة للجنسية البريطانية، والتحق بمدارس النخبة في بريطانيا قبل أن يدرس الكلاسيكيات والأدب في جامعة أوكسفورد.
بدأ عمله في الصحافة كمراسل لصحيفة “التايمز” عام 1987 ولكنه طرد لتزويره اقتباسًا، ثم أصبح مراسلًا لـ”الديلي تلغراف” من بروكسل عام 1989، ثم أصبح محررًا مساعدًا فيها من عام 1994 حتى 1999.
انتقل للعمل كمحرر في “سبيكتاتور” حتى عام 2005، ونشر عام 2003 مجموعة من المقالات جمعها بكتاب حمل عنوان “أعرني أذنيك”، ونشر رواية “اثنتان وسبعون عذراء” عام 2004، التي لحقت مجموعة من “المتطرفين الإسلاميين” بحبكة كوميدية وهم يحاولون تفجير الرئيس الأمريكي.
بدأ نشاطه السياسي منذ عام 1997 حينما ترشح للمرة الأولى لدخول مجلس النواب ولكنه لم يلق النجاح حتى عام 2001، وفي عام 2008 تمكن من الفوز بمنصب عمدة لندن ونال المنصب مجددًا عام 2012.
وزارة الخارجية و”بريكست”
كان جونسون من قادة الحملة المطالبة بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وعقب استفتاء 23 من تموز عام 2016، الذي أيد فيه 52% من الشارع البريطاني مطلب الخروج، كان من أبرز المرشحين لخلافة رئيس الوزراء المستقيل ديفيد كاميرون.
تعرض لـ”خيانة” وصفت بـ”الشكسبيرية” من حليفه المقرب مايكل غوف منعته من الترشح لمنصب رئاسة الحزب المحافظ حينها، بعد أن صرح غوف فجأة أنه لا يعتقد أن جونسون مناسب لقيادة بريطانيا خارج الاتحاد مرشحًا نفسه بدلًا عنه.
وبعد فوز تيريزا ماي بالمنصب عُيّن جونسون وزيرًا للخارجية عام 2016 وحتى استقالته عام 2018، ودافع عن قرارها بالمشاركة بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري مع الولايات المتحدة وفرنسا بعد ظهور الأدلة على استخدامه للأسلحة الكيماوية مجددًا ضد السوريين، رغم انتقاد المعارضة البريطانية لها للتصريح باستخدام القوة دون الحصول على الموافقة من البرلمان.
تعرض جونسون للانتقاد بسبب تصريحاته المتعلقة بنقاب النساء المسلمات وتشبيهه لهن بـ”صناديق البريد ولصوص البنوك”، وكذلك عند تضليله الشارع البريطاني بتأكيده أن المختبرات الجنائية قد أثبتت أن روسيا هي من استخدم غاز “نوفاتشوك” السام ضد عميل روسي مزودج وابنته في بريطانيا في آذار عام 2018، في حين لم تؤكد المختبرات سوى نوع الغاز لا مصدره.
استقال من منصبه في 9 من تموز 2018 وكتب في رسالة استقالته أن طيلة أمد المفاوضات المتعلقة بـ”بريكست” ونهج رئيسة الوزراء فيها هو السبب، وجاء في نص الرسالة “لقد مر ما يزيد على عامين منذ أن صوت الشعب البريطاني على مغادرة الاتحاد الأووربي، وفق وعد قاطع لا لبس فيه أنهم سيستعيدون ديمقراطيتهم”.
وأضاف، “قيل لهم إنهم سيكونون قادرين على إدارة سياستهم الخاصة للهجرة، واستعادة المبالغ المالية البريطانية المنفقة من قبل الاتحاد الأوروبي وفوق كل ذلك سيكونون قادرين على تمرير قوانينهم باستقلالية ووفق مصالح شعب هذا البلاد. ذاك الحلم يحتضر، يختنق بتشكيك الذات بلا داعٍ”.
وما زالت مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي معلقة بموافقة مجلس العموم البريطاني على اتفاق يضمن المصالح الاقتصادية لبلاده عند فك الشراكة مع بروكسل، مع رفض مقترحات رئيسة الوزراء البريطانية السابقة أكثر من مرة، وتأجيل الموعد النهائي للخروج مرتين.
لكن وعد جونسون ليس معلقًا بالتوصل إلى الاتفاق رغم أن أغلبية النواب يفضلون عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي دون التوصل لاتفاق ما.
–