شهد العام 1932 ولادة “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، الذي أسسه السياسي اللبناني أنطون سعادة.
نادى الحزب بتوحيد بلاد الشام والعراق وقبرص والكويت ولواء اسكندرون وسيناء، في دولة واحدة تحت اسم سوريا الكبرى، أو ما عرف سياسيًا بالهلال الخصيب.
لاقت دعوة سعادة رواجًا كبيرًا في لبنان وسوريا، خاصةً بين المعترضين على مبدأ القومية العربية والمناداة بدولة عربية موحدة من المحيط إلى الخليج، كما اعترض عليها القوميون العرب المؤمنون بالدولة العربية، وكذلك البعثيون والشيوعيون.
من هو أنطون سعادة
ولد أنطون سعادة في بلدة الشوير بجبل لبنان في عام 1904، واضطر للهجرة إلى البرازيل للحاق بوالده بعد ظروف صعبة عاشها في لبنان، حسب الموقع الرسمي لأنطون سعادة.
ألف أنطون سعادة عددًا من الكتب، على رأسها كتاب “نشوء الأمم”، الذي يوضح فيه أفكار حزبه الذي أسسه في عام 1932، وأقام اجتماعه الرسمي الأول في عام 1935 في بيروت.
سجنت السلطات الفرنسية سعادة بتهمة “تشكيل جمعية سرية هدفها الإخلال بالأمن العام والإضرار بأراضي الدولة وتغيير شكل الحكم”.
كان سعادة على علاقة وثيقة بحسني الزعيم، الذي يتهمه قوميون سوريون بتسليمه إلى السلطات اللبنانية بعدما دعمه لإشعال ثورة ضد نظام الحكم في لبنان، إلا أن السلطات السورية في ذلك الوقت نفت تسليمه وقالت إن الحكومة اللبنانية ألقت القبض عليه في أثناء انتقاله بين البلدين.
أُعدم سعادة في 8 من تموز 1949، بعد محاكمة سريعة وبطريقة سرية.
إعدام سعادة مقدمة للسلام بين سوريا وإسرائيل
ذكر الصحفي ناجي جرجي زيدان في مقال في صحيفة الحياة بتاريخ 7 من تموز من عام 2000، أن ديفيد بن غوريون، أول رئيس للوزراء في إسرائيل دوّن في مذكراته الشخصية أنه يعتبر إعدام أنطون سعادة خطوة تدل على اهتمام حسني الزعيم بالسلام بين سوريا وإسرائيل، وتم توقيع اتفاق هدنة بين الطرفين في 20 من تموز 1949.
تاريخ الحزب السوري القومي
بحسب مؤرخين وباحثين في الشأن السوري، كان الحزب السوري القومي أبرز المنافسين لحزب البعث وللحزب الشيوعي، بعد انحسار حضور حزبي الشعب والكتلة الوطنية، وحتى بعد إعدام سعادة في بيروت 1949، على خلفية إعلانه للثورة على نظام الحكم اللبناني بدعم من حسني الزعيم، الرئيس السوري الذي وصل بأول انقلاب عسكري في العالم العربي، والذي سلمه بدوره إلى السلطات اللبنانية.
دخل الحزب بصراعات سياسية عدة مع الأحزاب السياسية في سوريا ولبنان، وحصلت انشقاقات داخل الحزب أدت إلى ظهور أجنحة سياسية مختلفة.
تم حظر الحزب من العمل السياسي في سوريا بعد اتهامه باغتيال العقيد عدنان المالكي في الملعب البلدي في دمشق عام 1955.
المتهم بالاغتيال، يونس عبد الحميد، كان منتميًا للحزب القومي السوري، وتم استغلال الحادثة سياسيًا، واعتقال العشرات من أعضاء الحزب، وفرار آخرين، واتهمت مصر أيضًا، بسبب إلحاح سفيرها، محمود رياض، على المالكي لحضور المباراة في الملعب البلدي، كما نقل عبد الكريم نحلاوي في برنامج “شاهد على العصر، مع المذيع أحمد منصور.
بقي الحزب ممنوعًا من العمل بشكل رسمي في سوريا، رغم تقارب حافظ الأسد مع القوميين السوريين إبان المقاومة الشعبية لاجتياح لبنان في 1982 من قبل إسرائيل، والعمليات الاستشهادية التي قام بها أعضاء في الحزب ضد إسرائيل.
بعد وفاة حافظ الأسد، انضم القوميون السوريون للجبهة الوطنية التقدمية في نظام بشار الأسد، وتابعوا عملهم بشكل رسمي وتم السماح لهم برفع أعلام الحزب على المقرات الرسمية.
–