ارتبطت أعماله بذاكرة أجيال كثيرة، حتى لو لم يكونوا من قراء الكتب، فقد وصلت كتاباته إلى الدراما والسينما، فشكلت مجموعة من أعظم كلاسيكياتها.
يصادف اليوم الخميس 30 من آب، الذكرى 12 لوفاة الكاتب المصري نجيب محفوظ، صاحب الأدب المنحاز إلى الشعب كما وصفه نقاد.
“ثلاثية القاهرة” كانت نقطة الحسم في مسيرة محفوظ، إذ أصدر تلك السلسلة الروائية من ثلاثة أجزاء لتتحدث عن حياة الناس في القاهرة عبر ثلاثة أجيال بين الحرب العالمية الأولى وحتى استلام الضباط الأحرار السلطة عام 1952، وأجزاء الرواية حسب التسلسل هي “بين القصرين” وصدرت عام 1956، ثم “قصر الشوق” عام 1957، وأخيرًا “السكرية” في نفس السنة، وحققت تلك الثلاثية شهرة عالمية لنجيب محفوظ وترجمت للعديد من اللغات.
يعود تأثر محفوظ بأسماء الأحياء الشعبية في رواياته لنشأته في حي “الجمالية” بالقرب من مسجد الحسين في القاهرة، حيث ولد في 11 من كانون الأول عام 1911.
بدأ محفوظ دراسته في مدراس المساجد والتي تدعى باسم “الكتّاب” وأنهى دراسته الابتدائية والإعدادية فيها, وفي تلك الفترة بدأ اهتمامه الكبير باللغة العربية ينمو, وكان الكاتب حافظ نجيب هو أكثر الشخصيات تأثيرًا في محفوظ وقتها.
في عام 1919 قامت الثورة المصرية وكان عمر محفوظ ثمانية أعوام ويعتقد أنها أججت لديه العاطفة الوطنية، وأثرت بشكل كبير في كتاباته لاحقًا.
بعد الانتهاء من دراسته في “الكتّاب” التحق محفوظ بجامعة القاهرة عام 1930 وتخرج منها عام 1934 بشهادة في الفلسفة, وتوجه بعدها للحصول على شهادة الماجستير في الفلسفة إلا أنه تخلى عن ذلك بعد سنة ليقرر أن يحترف الكتابة كمهنة له.
بدأ محفوظ عمله كصحفي في صحيفة الرسالة عام 1936 وفي تلك الفترة كان يكتب بعض القصص القصيرة لصحف “الأهرام” و”الهلال”، وفي عام 1938 تم تعيينه في منصب سكرتير وزارة الأوقاف المصرية في البرلمان، وفي نفس السنة أصدر روايته الأولى “حكمة خوفو”.
في السنوات التالية توالت أعماله فأصدر رواية “عبث الأقدار” وثم “رادوبيس” عام 1943 و “خان الخليلي” عام 1945، وفي تلك الفترة كان أسلوب محفوظ غير مصقول بشكل كامل لكنه كان يتعرض لموضوعات جريئة كالاشتراكية والقضايا الفلسفية والنفسية والدينية.
تحولت العديد من رواياته إلى أفلام سينمائية، مثل “خان الخليلي”، “التوت والنبوت”، “السكرية”، “الحرافيش”، و”ثرثرة فوق النيل”.
تعرض محفوظ عام 1994 لمحاولة اغتيال إذ طعنه شابان بالسكين في رقبته، بسبب روايته “أولاد حارتنا” التي كتبها في خمسينيات القرن الماضي، لكنها بقيت ممنوعة من النشر في مصر، بسبب رأي علماء الأزهر فيها أنها مسيئة للذات الإلهية، وتتضمن إسقاطات إذ تضمنت شخصيات يحملون أسماء أنبياء.
أحرز محفوظ جائزة “نوبل” للأدب عام 1988 عن مجمل أعماله، كما كرمته الجامعة الأمريكية في مصر بميداليتها الرئاسية، وفي 2002 تم تعيينه عضوًا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.
لم يمت نجيب محفوظ بتلك الطعنة، إنما عاش بعدها 11 عامًا، ليموت في 30 من آب عام 2006، في مسقط رأسه القاهرة وكان عمره 94 عامًا ليترك ورائه ثروة أدبية كبيرة واسمًا لن ينساه العالم لأديب حصل على جائزة نوبل الأرفع في العالم.