عنب بلدي – خاص
في 9 من كانون الثاني 2013جرت صفقة تبادل هي الأكبر من نوعها في سوريا. 48 إيرانيًا اعتقلتهم فصائل المعارضة، بادلهم النظام على 2130 معتقلًا في سجونه، بعضهم لم يمض على توقيفه فترة طويلة وبينهم أربعة أتراك، برعاية إيرانية- تركية.
آنذاك، كانت تعزيزات قوات الأسد إلى داريا تصل لكن لا تعود، تحولت المنطقة إلى ما يشبه “الثقب الأسود” للمقاتلين وآلياتهم. لم يكن الانتقام على الأرض بل على بعد نحو 28 كيلومترًا في سجن صيدنايا العسكري، ففي 15 من كانون الثاني، صدر حكم الإعدام الميداني بحق مجموعة من الناشطين السلميين وقادة الحراك الثوري في مدينة داريا بريف دمشق، كانوا موقوفين في سجن صيدنايا.
لم تكن هذه المجموعة وحدها، فقد سلم النظام السوري، في تموز الحالي، دائرة نفوس داريا ألف اسم لمعتقلين قتلوا في السجون، بحسب مصادر داخل النفوس، ولو أن هذه الأرقام ليست دقيقة بعد، حتى يراجع ذوو المعتقلين الدائرة ويستصدروا “إخراجات قيد” تثبت الوفاة، لكن نحو 80 اسمًا ثبتت وفاتهم حتى الآن، وتحولت صفحات أهالي داريا إلى حالات أشبه ببيوت العزاء الجماعية.
وبحسب بيانات مجموعة “معتقلي داريا” التي تديرها مجموعة من الناشطين المتخصصين، فإن نحو ثلاثة آلاف معتقل من أبناء المدينة لا يزالون مجهولي المصير.
ما هي دعوة الـ 300؟
في أيلول 2012، مثل أمام محكمة ميدانية تابعة للنظام السوري 300 ناشط من عدد من المدن الثائرة ضد النظام، معظمهم شباب كانوا يديرون التنسيقيات والحراك الثوري، بحسب معلومات متطابقة أكدها منسق عام رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، دياب سرية.
وأوضح سرية لعنب بلدي أن أغلب هؤلاء المعتقلين أوقفوا من قبل المخابرات الجوية وبعضهم من قبل الأمن العسكري، مؤكدًا أنهم جميعًا لا علاقة لهم بأي عمل مسلح، وقد اعتقلوا أساسًا قبل أن تنتقل الثورة إلى الحراك المسلح مع مطلع العام 2012.
حكم هؤلاء 4500 سنة بواقع 15 سنة لكل منهم، ومن بينهم 30 ناشطًا من داريا، نقلوا إلى سجن صيدنايا.
لكن يبدو أن النظام السوري انقلب على هذا الحكم، وأصدرت المحكمة الميدانية قرارات بتصفية عدد منهم، في 15 من كانون الثاني 2013، وهو التاريخ الذي جمع عددًا من شهادات الوفاة الصادرة عن النفوس.
ولا يجزم سرية بأن يكون هذا التاريخ موعد التصفية الحقيقي، مشيرًا إلى أن تواريخ القوائم قد تكون اعتباطية مستشهدًا بحالات معتقلين شوهدوا بعد تواريخ وفاتهم.
لكنه رجح أن المعتقل الذي يصدر بيان وفاته دون سبب مباشر قد أعدم ميدانيًا، وهي الحالة المتكررة في القوائم الأخيرة، لأن من يتوفى تحت التعذيب أو لأمراض وظروف صحية داخل المعتقل، ينقل إلى المشافي العسكرية، كمشفى تشرين، الذي يقيد له سبب وفاة كالسكتة القلبية أو قصور الكبد وغيرها.
وأكد سرية تزايد حالات تسليم قوائم الاعتقال في عموم سوريا، منذ مطلع حزيران الماضي، خاصة في أرياف دمشق وحماة وحمص والحسكة وحلب، بعد أن كانت الوتيرة منخفضة، فمنذ أول السنة حتى حزيران لم توثق الرابطة سوى400 حالة، ناصحًا ذوي المعتقلين باستخراج وثيقة “لا حكم عليه”، التي يمكن من خلالها الوصول إلى مؤشر عن حالة المعتقل.
مع غياب الأرقام الرسمية، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود أكثر من 118 ألف معتقل سوري بالأسماء، 88% منهم موجودون في معتقلات النظام السوري، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق الـ 215 ألف معتقل.
كما وثقت مقتل أكثر من 13 ألف شخص تحت التعذيب في سوريا، 99% منهم على يد النظام.
في داريا بلغ عدد الضحايا الموثقين بالأسماء الذين قتلوا على يد النظام السوري 2712 شخصًا، بينهم 174 تحت التعذيب، حتى 28 من تموز 2018، بحسب فريق التوثيق في داريا.
لا جثث لقوائم شهداء داريا ولا مقبرة معروفة تضم رفاتهم، ولا مشيعين. داريا أخليت من سكانها ومقاتليها في آب 2016 بعد حصار دام أربع سنوات وقصف لم يهدأ.