عنب بلدي – العدد 135 – الأحد 21/9/2014
يواجه الأردن تضاربًا في المواقف الرسمية حول الانضمام إلى حلفٍ محتمل لضرب «داعش» تقوده الولايات المتحدة، وإلى الآن لم يصدر موقف ملكي يوضح موقع الأردن على خارطة الضربات، وسط انتقاداتٍ بأن المملكة تنتظر إشارة من أمريكا لتنفذ خطتها دون تلكؤ أو مساومة.
مع بداية التصريحات الغربية المشيرة إلى تحرك محتمل في سوريا، رفض رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور المشاركة في التحالف، إلا أن الملك عبد الله الثاني شارك مطلع أيلول الجاري باجتماع الناتو في ويلز، جنبًا إلى جنب مع الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني ورؤساء ومسؤولين من عشرات الدول الأعضاء في الناتو أو الشركاء معه.
كما أن الأردن شارك في اجتماع جدة يوم 11 أيلول، الذي شهد اتفاق 10 دول لمحاربة الإرهاب؛ ليعتبر الاتفاق منطلقًا لأي عملٍ عسكري ضد داعش.
خبراء ومراقبون سياسيون يؤكدون على أن الموقف الرسمي الأردني العلني وغير القابل للتأويل هو توقيع عمان على إعلان وتفاهمات «جدة»، أما غير ذلك فيعتبر حديثًا للتسويق الشعبي.
إلا أن التصريحات الأردنية استمرت بالتأرجح دون قرارٍ واضح، إذ أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد كلالدة، أن الأردن لن يتدخل بشؤون الغير، كما لا يسمح بالتدخل بشؤونه، في إشارة لعدم إمكانية مشاركة عمان بأي ضربات خارج البلاد.
كما رفضت جبهة العمل الإسلامي (الإخوان المسلمون في الأردن)، المشاركة، مستنكرةً أي محاولة يسهم بها الأردن في مواجهة المقاتلين المتطرفين، وفي بيان للجبهة نشر في موقعها الالكتروني حذرت الجبهة الحكومة من «مخالفة الدستور» في مشاركة قوات أردنية في التحالف.
ومن جهته، أصدر التيار الشعبي الأردني بيانًا جاء فيه: إن «تنظيم داعش تنظيم مصطنع وأداة تستخدمها أمريكا لتقسيم دول المنطقة، وفتح المجال لتدخلها في شؤون دولها الداخلية وتحركها بما يضمن مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني».
وأشار التيار، الذي يضم نوابًا وشخصيات سياسية وأكاديمية، إلى أن «ما تطرحه أمريكا من شعار الحرب على الإرهاب، كلمة حق يراد بها باطل، فهي الراعية والممولة والصانعة للإرهاب وتستغله لتحقيق أهدافها لضرب قوى التحرر في المنطقة وإعاقة تطورها واستقرارها».
وأضاف البيان أن «بعض الدول المشاركة في الحلف كانت من الدول الداعمة ماليًا وعسكريًا للمنظمات الإرهابية، ولا تزال تعلن دعمها المعارضة المعتدلة، ونحن هنا نسجل تحفظنا على اعتدال هذه الأطراف التي لا تختلف عن تنظيم داعش في العقيدة والقتل والخطف والتدمير وقطع الرؤوس والاغتصاب».
وكان مسؤولون أمريكيون أوضحوا، كما نقلت وكالات إعلامية، أن الأردن يمانع في استضافة برنامج تدريبي موسع لمقاتلي المعارضة السورية تشرف عليه الولايات المتحدة، رغم أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقوم بتدريب مقاتلين من المعارضة سرًا هناك منذ أكثر من عام.
ويعد تحفظ الأردن، انتكاسة للمبادرة المقترحة من الرئيس أوباما التي أعلنها في حزيران، بتخصيص 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة التي تقاتل ضد الأسد وجماعات على صلة بتنظيم القاعدة.
وتتداول مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، تساؤلات حول موقف تخلي الأردن عن مشاركتها في تحالف الدول وتدريب المعارضة «المعتدلة»، فيما إذا كان تخوّفًا أم لمصلحة البلاد التي تحوي خلايا نائمة تؤيد تلك المجموعات المتطرفة.
ويجمع الأردن 375 كيلومترًا من الحدود مع سوريا، وكانت حريصة دائمًا على عدم المساس بأمن المملكة، أو انجراف الوضع السوري إلى الداخل الأردني، وفق تصريحات متكررة للحكومة، وإلى اليوم يستمر انتشار الجيش الأردني على كامل الحدود مع سوريا.
وبعد توسع داعش وانتشارها في الأراضي العراقية، التي يفصلها عن الأردن 181 كيلومترًا من الحدود المشتركة، زاد التأهب على جانبي الحدود السورية العراقية، في محاولة لتأمين المملكة من دخول مقاتلين أجانب إليها.
ويبقى الموقف الأردني الرسمي متذبذبًا بين «على الأردن عدم التدخل بشؤون الدول»، وبين تصريحات ضبابية في ذات الوقت تدلّ على أن الخيارات جميعها محتملة أمام الأردن وهو قادر على السيطرة؛ بانتظار الأيام المقبلة التي ستجبر الأردن –ربما- على تحديد موقفه وإعلانه.