عنب بلدي ــ العدد 132 ـ الأحد 31/8/2014
لكن ذلك لم يحدث، وواجه الأسد خصومه بالنار ودك المدن الثائرة بالصواريخ، ليدفعهم إلى حمل السلاح عبر استراتيجية ممنهجة، ثم فتح الحدود لميليشيات متعطشة لثأرٍ من سنّة الشام، تعود جذوره إلى أكثر من ألف عام، بتحريك من “المال الطاهر” الإيراني، مستبيحين حرمة سوريا وأهلها.
بدورها واجهت تنظيمات جهادية عالمية ذلك، بذريعة نصرة السوريين ورفع الظلم، لكنها ما لبثت أن وجهت سبطانة بندقيتها نحو المنتفضين من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، بتهم الكفر والردة ومحاباة الغرب، كما يفعل تنظيم “داعش”، الذي يحاول بناء “دولة خلافة إسلامية” على أشلاء المسلمين السوريين.
أو اتخذت هذه الجماعات نهجًا آخر لعبته مؤخرًا جبهة النصرة بصورة واضحة، وقد ألحق الضرر بالثورة بطريقة أو بأخرى، حين حملتها عبء الدفاع عن المستضعفين في الأرض من بورما إلى إفريقيا الوسطى وغزة. لتقع النصرة في فخ داعش ذاته، وتشوه صورة تقدم المعارضة على الحدود مع هضبة الجولان أمام المجتمع الدولي، محتجزة عددًا كبيرًا من عناصر حفظ السلام على الشريط الحدودي ومحاصرة آخرين، ما اضطر الأمم المتحدة للتدخل لحماية جنودها.
على جبهة أخرى تحاول مجموعات كردية الدفاع عن “إدارتها الذاتية” بالتعاون مع إقليم كردستان العراق وحزب العمال في تركيا، ولو اضطرها ذلك إلى تهجير أهالي بعض القرى العربية القليلة في المنطقة بمؤازرة من الأسد، متذرعةً بالردٌ على ممارسات داعش في المنطقة.
وهكذا يواصل الأسد وميليشياته قتل السوريين، بينما تحارب داعش “المرتدين”، و”تفزع” النصرة “لمستضعفي الأرض”، في حين يسعى الكرد إلى دولتهم المستقلة؛ كل ذلك على دماء 191 ألف شهيد سوري، تكتفي الأمم المتحدة بتسجيل أسمائهم وإحصاء عددهم، وسط قرارات “لا تغني ولا تسمن من جوع”.