داعش والمناطق المحررة.. الاقتحام الخفي

  • 2014/07/07
  • 12:05 ص

عنب بلدي ــ العدد 124 ـ الأحد 6/7/2014

حنين النقري
بعد التهجير والنزوح، القتل والقصف، واستخدام مختلف الأسلحة من طيران وكيماوي، وبعد سلسلة حملات التجويع والحصار على مناطق محررة مختلفة في سوريا، يبدو أن النظام ارتأى وسيلة أفضل لخلق حالة من الفوضى والارتباك والبلبلة في هذه المناطق تتمثل في اقتحامها بشكل خفي، بالأفكار تارة، وبجنود لا يرفعون لواءه علانية تارة أخرى.
يشمل الكلام هنا المجموعات الجاسوسية والخلايا النائمة، لكن الحديث أكثر تأكيدًا عن «داعش»، التي تأبى تصرفاتها إلا أن تثبت أنها ذيل النظام ويده اليمنى -والتي بات يستخدمها بشكل أكبر من حزب الله- حسبما يبدو مؤخرًا.
«داعش» والتي كانت منتشرة في الشمال السوري بشكل كبير، دخلت «بقدرة قادر» إلى الغوطة الشرقية المحاصرة، رغم استحالة الدخول إليها حتى للمدنيين. عدد عناصرها القليل لم يمنع من نشر الفوضى والارتباك في الغوطة، فبدأت سلسلة تفجيرات وسيارات مفخخة، عبوات ناسفة تزرع في الأسواق وأماكن الازدحام الشعبي، اغتيالات واختطافات لرموز ثورية، أو لأشخاص عاديين تواجدوا في المكان الخاطئ، وجلّ الأدلة تشير إلى منفّذ واحد؛ «دولة العراق والشام».
تعتمد داعش على سياسة واضحة لجذب الشباب واليافعين لصفوفها، وهي الرواتب المرتفعة، وهي بذلك تستغل حالة الفقر والحصار والجهل لدى البعض بمرجعيتها أو إخلاصها الثوري؛ 80 ألف ليرة سورية شهريًا أكثر من كافية لشاب في الثامنة عشرة، وبهذا يزيد عدد عناصر هذا التنظيم السرطاني بشكل لا رجعة فيه. والدخول إلى داعش ليس كالخروج منها، فحالات الانشقاق تقابل بالإعدام والتمثيل بالجثث، بل وحتى الانتقام من عائلة المنشق، تمامًا كما يفعل النظام السوري، الأب الروحي لداعش.
سرعان ما أعلنت الجبهة الاسلامية الحرب على داعش، وبدأت الاقتتال على جبهات داخلية عديدة معها، فتحولت هواجس الناس من القصف الجوي أو الكيماوي إلى خوف من السيارات المفخخة، أما الأمان النسبي الذي كان ميزة المناطق المحررة فقد بات من منسيات الماضي مع تكرار حوادث الاختطاف في هذه المناطق لدرجة أنها طالت أطفالًا ويافعين.
إعلان الحرب على داعش عسكريًا ليس بالكافي، فما الصنيع مع عناصر يلجؤون في آخر المطاف لنقاط النظام العسكرية ويخرجون بالمختطفين إلى مصير مجهول معهم، ليعاودوا قتالك مجددًا، كما حدث في الضمير في الغوطة الشرقية مثلًا.
التعامل مع الفوضى الناتجة من عناصر قليلة العدد لا يكون إلا بتنظيم كبير، وتخطيط دقيق، والأهم من كل هذا توحيد العمل الثوري -ولا أقول الأيديولوجيات والاتجاهات الفكرية-.
إن الواجب على الهيئات السياسية والإعلامية والعسكرية الثورية التعامل مع عدم وضوح النظام بشأن داعش، بوضوح مطلق، في جمع انتهاكاتها لحقوق الانسان وأدلة تعاملها مع النظام، وربط الحديث عن جرائمها بالنظام السوري بشكل دائم.
داعش هي سلاح جديد اختار النظام أن يستخدمه، لكنّه سلاح لا يجدي مع الرصاص فقط، إن لم يرتبط بالذكاء والتخطيط والاتفاق الجماعي الواضح على التخلص منه.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي