حلب بلا ماء ولا كهرباء.. المسؤولون شركاء التجار

  • 2017/07/02
  • 5:19 ص

مواطنون في مدينة حلب يحملون عبوات لملئها بالماء (AP)

عنب بلدي – سما نعناعة

“معاشي 30 ألف ليرة، وصهريج المياه بـ 2500 ليرة، وأمبير الكهرباء بألفين… كيف يمكن أن أعيش؟”، بهذه الكلمات تتساءل “ر. س”، وهي موظفة حكومية في جامعة حلب، حول الواقع الخدمي الذي تعيشه اليوم.

وتعاني مدينة حلب من حالة انقطاع مزمنة لموارد الكهرباء والماء “النظامية”، منذ أكثر من أربع سنوات، وبعد استعادة السيطرة على الأحياء الشرقية من قبل النظام أواخر العام الماضي، ماتزال المعضلة وسط وعودٍ متكررة من المسؤولين.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، وانقطاع الخدمات في رمضان وعيد الفطر، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة غضب وحالة استياء عامة.

ونقلت الصفحات المحلية حالات الانقطاع، لحظة بلحظة، مع ذكر الأسباب التي تراها وراء “الأزمة”، محملة المسؤولية لشركتي الكهرباء والماء، ومعترضة على تصريحات المسؤولين التي تعزو الانقطاع لـ “أعطال فنية”.

لا غسالة ولا براد

وبدأت معاناة حلب مع الكهرباء عندما خرجت المحطة الحرارية المغذية للمدينة عن الخدمة، في 7 تشرين الثاني عام 2013، وهي على بعد 25 كيلومترًا من المدينة على طريق حلب- الرقة.

وتعتبر المحطة أكبر محطات توليد الكهرباء في سوريا، إذ تتألف من خمس مجموعات بخارية استطاعة كل منها 213 ميغا واط ساعي، وترفد الشبكة العامة بنحو 20% من إجمالي الطاقة المولدة في البلاد، وفق أرقامٍ رسمية نقلتها وكالة “سانا”.

وضع ذلك أهالي حلب أمام حلولٍ “قسرية” للجوء إلى شراء “أمبيرات” من مولدات كبيرة يملكها التجار، ويبلغ سعر الأمبير الواحد حاليًا نحو 2500 ليرة، وتستهلك العائلة الواحدة ما لا يقل عن أمبير أو اثنين، تبعًا لرغبتها بتشغيل الأدوات الكهربائية في المنزل، كالثلاجة والغسالة وغيرها.

وقالت “ر. س” بهذا الخصوص “في حال كان الوضع المادي للعائلة لا يسمح، تستغني عن وجود البراد والغسالة، فقد صارت رفاهية بالنسبة للبعض الذين يكتفون بالإضاءة وشحن الهواتف”.

سمفونية أعطال

وأعلنت وزارة الكهرباء البدء بإعداد المواد والتجهيزات ومستلزمات العمل والكوادر البشرية المؤهلة لإعادة إصلاح محطة توليد حلب الحرارية، في شباط 2016.

لكن رغم ذلك تبقى حلب إلى الآن بلا كهرباء، ويقول الشاب حسن أحد المواطنين “تعيش المدينة سمفونية (يوجد أعطال)، وكلما تقول الشركة إنها أصلحتها تنقطع الكهرباء بعد ساعة”.

علي بابا والأربعين حرامي

يشك المواطنون الذين تواصلت معهم عنب بلدي بوجود شراكات بين مسؤولين في الحكومة والتجار أصحاب المولدات، فوفقًا للموظفة في الجامعة “يوجد لكل تاجر شريك من النافذين في الحكومة يؤمّن له الحماية ويقاسمه الأرباح (…) على مبدأ علي بابا والأربعين حرامي”.

وهو ما أكّده حسن “تخرج النقود من جيب المواطن لجيب المسؤول، ما في حدا غريب”.

زوروني كل سنة مرة

أما بالنسبة لأزمة الماء، التي تعاني منها المدينة منذ قرابة عامين، فيعتمد المواطنون على “صهاريج” (خزانات متنقلة)، تعبّأ من المحطات المتوفرة حول المدينة، ويتقاسم أصحاب الصهاريج خريطة المدينة لسدّ احتياجاتها.

ويتراوح سعر “الصهريج” (ألف ليتر) بين ألف وأربعة آلاف ليرة سورية، وفقًا للمنطقة وندرة الماء فيها، وتحتاج العائلة الصغيرة (3 أو 4 أفراد) إلى “صهريج” واحد أسبوعيًا.

أما خط المياه “النظامية” فيصل المنازل مرة أو مرتين كل شهر ولساعات محدودة، تبعًا لقدرة خط التزويد الأساسي، بالإضافة إلى خط بديل يعمل بالتناوب في مرحلة الأعطال، لكن مع كفاءة متدنية وضعف بالضخ.

ولكن إن حصل أي عطل بالخط المزود، فلا تضخ المياه، وتحرم المنطقة من دورها الشهري، تمامًا كما في الأغنية القائلة “زوروني كل سنة مرة”، بحسب توصيف “ر. س”.

“حلب عطشى”

“شبكة أخبار حي الزهراء بحلب”، الموالية للنظام السوري، حمّلت من وصفتهم بـ المسؤولين “الفاسدين” مسؤولية الانقطاع المتواصل، مشيرةً إلى أنهم “فبركوا مسرحية الإصلاحات في خط 1400، وهو خط التزويد الأساسي شرق حي الزهراء، حيث أدخلوا الورشات الفنية إلى مكان العطل، لكنهم لم يصلحوا شيئًا”.

ويتذرع المسؤولون باستهداف “المسلحين” للخطوط، لكن الشبكة أوضحت أن منطقة خط 1400 لم تتعرض لأي اشتباك يذكر منذ أكثر من أربعة أشهر، وأن الخط تحت الأرض بنحو خمسة أمتار ما يجعل من المستحيل إصابته باشتباكٍ عادي.

وتفاعل السكان عبر مواقع التواصل بإطلاق وسمي “حلب عطشى” و”حلب منكوبة”، معبرين عن استيائهم من دفع ثلثي رواتبهم على الأقل مقابل الحصول على الخدمات الأساسية، في ظل غياب الرقابة.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية