عنب بلدي – العدد 106 – الأحد 2/3/2014
نص مفتوح غارق بالتفاصيل التي لا تخضع لجاذبية النهاية، غير محدد الفصول والأجزاء ولكن المشهد والحدث والمكان والزمان واحد ويستطيع كل المشاركين بالمسرحية التعديل والارتجال بدءًا من الكومبارس وانتهاءً بالجمهور، سيما وأن الإخراج جماعي، وقد اختلف الجميع على اسم المسرحية وطرحت أسماء كثيرة نذكر منها: «وامعتصماه.. أنا إنسان.. أنقذوا الإنسانية من الضواري.. الإنسانية مشجبًا فقط.. المسرحية المنهكة» وخروجًا عن الحبكة تم التصويت على اسم المسرحية المنهكة .
كما وأن عدم ثبات عناصر المسرحية وتحول بطلها من الضحية إلى الجلاد إلى المخلص المفقود وتبادل الأمكنة ليصبح الجمهور على المسرح والممثلون في الصالة وكلما توسعت العينان قالوا «المهم الدقة في توزيع الاهتمام».
بدأ العرض بالتعريف بموضوع العمل والشخصيات، إلا أن انعدام التسلسل الطبيعي للأحداث أنهكنا وضيّع تركيزنا وشتّت كل أفكارنا المسرحية بعد أن كان مقصود الصراع المسرحي واضحًا لنا.
قبل رفع الستارة كان الحوار بسيطًا سهل اللغة ومفهومًا، يدور حول جملة مسرحية واحدة تتفاوت فصاحتها تبعًا لمستوى الممثل والمتلقي والناقد. كان صيحة لوقف كارثة إنسانية تفتك بالمدنيين السوريين بكافة أدوات الفتك، ابتداءً بالذبح والقتل رميًا بالرصاص، أو صبًّا للبارود فوق المدنيين بالبراميل والقصف بالطيران والصواريخ والمدافع الروسية الصنع والتعذيب حتى الموت في الفضاءات الضيقة المجهولة، والتجويع بعد الحصار الخانق على المدن والبلدات، وانتهاءً بالسلاح الكيماوي الكوري والمعدل روسيًا وإيرانيًا وأسديًا. صار معضلة في خضم التجاذبات السياسية والمصالح الدولية التي انحطت للمستوى الشخصي ولم ينسدل الستار.
بالرغم من الإجماع الكبير بين معظم دول مجلس الأمن حول مشروع قرار للأمم المتحدة بشأن هذا التدهور الإنساني في سوريا يطالب «بوصول حر وآمن للمساعدات الإنسانية بصورة أفضل إلى سوريا والرفع الفوري للحصار المفروض على مدن سورية عدة بينها حمص ونبل والزهراء»، والتنديد باستخدام النظام القصف الجوي ضد المدنيين باستخدام صواريخ سكود والبراميل المتفجرة، وإدانة للاعتداءات الإرهابية المتزايدة في سوريا، ورحيل كل المقاتلين الأجانب من البلاد، إلا أن السادة الممثلين اختلفوا وتفاوتت التصاريح من رافض كلي مطلق لهذا المشروع إلى عاتب وناقل للكرات خارج ملاعبه. وأخذت خشبة المسرح تتأرجح بين الغرق بتقاذف المسؤوليات وجنوحها لمشيئة الريح المجنونة التي تعاند مشيئة السفينة.
ويعرض التعديل مرة أخرى ولكن روسيا رافضة كليًا، وبالمطلق، للمشروع ولا تريد تعديلًا ولا صياغة جديدة لأنها تختلف مع المشروع بالأولويات ولن تدعه يمر، والإنسان السوري ليس أولوية عندها حتى وإن كان المشروع غير ملزم ولا يتضمن عقوبات تلقائية في حال عدم الالتزام به .
بينما أمريكا تحاول جاهدة فضح قباحة روسيا لتبدي جمالها الغير مرغوب سوريًا، كما تحاول الهروب إلى الأمام من مسؤولياتها تجاه الإنسانية بحجة الفيتو الروسي اللاإنساني . وإنه إذا حالت روسيا دون صدور هذا القرار فهي ستتحمل مسؤولية منع هذه المساعدات عن المدنيين السوريين المحتاجين إليها بشدة. لا يستطيعون القول بأنهم قلقون على وضع الشعب السوري في الوقت الذي يجوّع فيه المدنيون، وكأن المسرحية غدت تسجيل نقاط بين أقطاب العالم.
وكذلك فرنسا تدفع مسؤولياتها تجاه الإنسانية بدعوى أنه «ليس السوريين فقط هم المسؤولون، بل الروس كذلك إذا ما حالوا دون مرور هذا النوع من القرارات» بينما الشعب السوري المنكوب مبهوتًا بالأدوار التي ينظر إليها بعين الناقد .