من بحر الدم، إلى أعماق بحر لُجِّي ومخيَّم

  • 2014/02/03
  • 1:35 ص

عنب بلدي – العدد 102 – الأحد 2/2/2014

حسن مطلق

أن تترك وطنك وتتغرب عنه وتذهب بعيدًا عن شلالات الدم فيه لتغرق في بحر هائج متلاطم الأمواج هذا يعني أنك بلا شك تحمل جواز سفر سوري.

أعداد كبيرة من السوريين اختاروا اللجوء إلى دول أخرى بحثًا عن الاستقرار بعد أن تردّى الوضع المعيشي في بلادهم جراء الحرب الدائرة هناك ليجدوا أنفسهم في حال أسوأ مما كانوا عليه، فمنهم من اكتفى بالعيش في المخيمات –إن افترضنا أن من يقطن فيها يمكن أن نعده في زمرة الأحياء أصلًا-  ومنهم من كان أكثر أملًا بحياة كريمة ليحاول عبور البحر ويوقن أثناء رحلته أنه المكان الأجمل والأفضل، فكثيرًا ما كان يسمع ويقرأ عن المملكة البحرية وروعتها وجمالها، وربما مر في باله أيضًا قول حافظ الأسد وحوَّره دون أن يشعر «إني أرى في السباحة نجاة» إلى أن جلبه قاربٌ صغير مع الكثيرين ممن لا يعرفون شيئًا عما يدور في أعماق هذا البحر، وجعل منه مسكنًا آمنًا لهم بعيدًا عن القتل والدم والرعب إلى الأبد.

تجارة وضمان!

 في الوقت الذي أصبح فيه الهرب من الجحيم السوري أمرًا محتمًا، غدت عمليات التجارة والاستغلال مربحة للغاية ومُحتَكَرة من قبل من يُسمون «تجار البشر» والذين يقومون بها بمزيد من قلة الذمة وانعدام الضمير في حين أصبحت رحلة الهرب والإنقاذ أكثر طولاً وخطورة وغلاءً، ففي حسابات ضحايا الهجرة تراوحت تكاليفها بين 10 – 12 ألف دولار مع «ضمان الوصول» وتأمين تأشيرة شرعية للدخول إلى هذه الدول.

مخيمات الموت

كنا قد نسينا من يعيشون في المخيمات أو أشباه المخيمات وما يعانونه جراء ظروف المعيشة السيئة، فضلًا عن الحصار المفروض عليهم، وهنا لا نستثني مخيمات النزوح الداخلي التي لا تقل مأساوية عن تلك الأخرى خارج الحدود، في حين تتوارد الآلاف من القصص «السريّة» التي تحدث هناك. كل ذلك تحت عنوان عريض هو «لا شيء يحدث في المخيم».

ربما كان قتل رجل مسن من قبل عدد من البلطجية الشباب لأجل «كيلو رز» أمرًا غير ذي أهمية، وربما كان خروج عدد من الرجال القاطنين في مخيمات اللجوء الداخلي لتأمين ما يقتاتون عليه من أعشاب، طعمها أسوأ من الخبيزة لكنها الوحيدة المتوفرة، وعودتهم محملين بعشبة وخمسة رجال أمرًا عاديًا بالنسبة للبعض، فهناك الكثيرون ممن يلقون حتفهم تحت القصف.

وهنا أضيف أنه من الممكن أن تكون قصة لامعة بحجم أكل جرذ لجثة هامدة -لا يترك منها إلا « القفا»- في أحد المخيمات والتي لم يعلم جيرانها بوجودها أصلاً منذ فترة بالرغم من قصر المسافة بينهم وبينها، أمر يستدعي الانتباه لما يحصل هناك في المخيمات، ليكون الجرذ هو بطل القصة والمنقذ الوحيد في النهاية ويُهدي وجبته لضمائر العالم أجمع ابتداءً من أقرب خيمة وأقرب حي ملاصق للمخيم، وانتهاءً بأحد القطبين مرورًا بنا جميعًا، علّ ذلك يلفت انتباه أحد، ويتغيَّر بذلك العنوان العريض ليصبح «كل شيء يحدث هناك في المخيم».

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي