عنب بلدي – درعا
تعيش محافظة درعا في الأشهر الحالية من العام الجاري، موسم قطاف أنواع عديدة من المحاصيل الزراعية، تُشتهر بتموينها والاحتفاظ بها طوال السنة، كالبازلاء والفول والملوخية والبامياء وغيرها.
ومع بدء هذا الموسم، ظهر اختلاف في أساليب تموين الأهالي لهذه المحاصيل، في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، عن الأخرى الخاضعة للمعارضة، فقد فرضت الظروف والإمكانيات المعيشية وفرق الأسعار نفسها على هذا الأمر.
كثافة العرض في المحرّر
عنب بلدي التقت محمود النابلسي، أحد المزارعين في بلدة طفس، وقال إن الموسم الحالي يعتبر من أفضل المواسم للمزروعات التموينية، لا سيما البازلاء والفول.
وأوضح أن “غزارة الأمطار في فصل الشتاء أسهمت في وفرة الموسم، والحصول على كميات كبيرة، سواء ضمن المناطق المحررة، أو التي يتم إرسالها إلى مناطق سيطرة قوات الأسد في درعا ودمشق”.
وأمام هذه الكميات من المزروعات التموينية، أشار المزارع إلى أن “المناطق الخاضعة للمعارضة لا تستطيع استيعاب وفرة الإنتاج، خاصة أن محافظتي درعا والقنيطرة من أبرز المحافظات في زراعة هذه المحاصيل”.
ويرى محمود أن التصدير باتجاه مناطق سيطرة قوات الأسد “ضروري جدًا”، مع كثافة العرض في المناطق المحررة، على الرغم من وجود اختلاف جيد بالأسعار بين المنطقتين.
وبحسب ما اطلعت عنب بلدي فقد سُعّر كيلو الغرام الواحد من البازلاء بين 100 إلى 150 ليرة ضمن مناطق المعارضة، بينما تراوح في درعا المحطة الخاضعة لسيطرة قوات الأسد بين 200 و250 ليرة، الأمر الذي ينعكس سلبًا على القدرة الشرائية للمستهلك.
وقال المزارع إن “الكميات التي تم إرسالها لدرعا المحطة قليلة نسبيًا، نتيجة ارتفاع السعر والأوضاع التي تعيشها مدينة درعا عمومًا، بينما أرسلت كميات كبيرة جدًا إلى دمشق”.
ويرى أن المزارعين والتجار يفضّلون التوجه نحو العاصمة دمشق لتسويق هذه المحاصيل، رغم التكاليف المرتفعة والوقت المستهلك بين حواجز النظام على الطريق الواصل بين درعا ودمشق، “السوق في دمشق كبير جدًا بسبب الكثافة السكانية، وهو قادر على تصريف هذه المحاصيل مهما ارتفع سعرها، فالربح المحقق بالنسبة للمزارع والتاجر في دمشق أفضل منه في درعا”.
وانتقالًا إلى الأسعار في أسواق العاصمة دمشق يُقدر سعر الكيلوغرام الواحد من البازلاء بين 250 و 300 ليرة.
أساليب قديمة تعود
ليست الأسعار وحدها التي تحكمت في شكل موسم المونة لدى الأهالي في درعا، فقد أسهمت الظروف المعيشية والخدمية، كغياب الكهرباء في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، في إحياء الأساليب القديمة للتموين.
تقول أم محمد إحدى النساء الدرعاويات “اعتمدنا في السنوات السابقة على وضع المونة في الثلاجات وتجميدها، لحين استخدامها، أما اليوم فهذا الخيار غير ممكن بسبب انقطاع الكهرباء”.
ورغم أن بعض العائلات استطاعت توفير الكهرباء عبر استخدام الوسائل البديلة كالطاقة الشمسية، إلا أنه يبقى خيارًا غير متاح أمام شريحة واسعة من الأهالي، الأمر الذي دفعهم إلى خيارات بديلة عن استخدام الثلاجات، وهو ما كان يستخدمه الأهالي قديمًا قبل توفر الكهرباء.
وأوضحت أم محمد لعنب بلدي “قديمًا لم تكن هناك ثلاجات، وكان الأهالي يعتمدون على التيبيس، أي تعريض البازلاء والملوخية للهواء لعدة أيام، وبعد أن تصبح يابسة يتم تموينها، وبذلك نحافظ عليها دون الحاجة للتجميد”، ليعيد الأهالي إحياء هذا الأسلوب من جديد. بينما ينشغل مَن مايزالون منهم في المناطق الخاضعة لقوات الأسد بارتفاع الأسعار، في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يوميًا.