عنب بلدي – خاص
سيعود حيا القابون وتشرين، في ضواحي دمشق الشمالية، إلى سيطرة النظام السوري والميليشيات الرديفة، في ظل اتفاقية وصفت بـ “المفاجئة” بين فصائل المعارضة فيه وقوات الأسد، تقضي بخروج المقاتلين إلى إدلب.
بوادر الاتفاقية، التي ماتزال بنودها سرية، بدأت صباح الجمعة 12 أيار، بخروج حافلات تقل مقاتلين من حي تشرين إلى محافظة إدلب، بالتزامن مع خروج دفعة ثانية من مقاتلي برزة وعائلاتهم إلى الشمال أيضًا، فيما بدا أنه إذعان بتسليم الحي للنظام، قد تنتهي مراحله الأحد.
اتفاقية مفاجئة
وقال مصدر في “شبكة صوت العاصمة”، النشطة في دمشق، إن فصائل حي تشرين توصلت لاتفاق مع النظام، لخروج دفعة من مقاتلي وأهالي الحي للشمال السوري، بالتزامن مع خروج دفعة من حي برزة المجاور، موضحًا لعنب بلدي أن الاتفاق يقضي بإخلاء جرحى الحي أولًا، ثم دفعة من مقاتليه وعوائلهم، باتجاه الشمال السوري.
وتزامن خروج دفعة من مقاتلي حي تشرين، الجمعة، مع مغادرة دفعة من مقاتلي حي برزة المجاور إلى محافظة إدلب أيضًا، وأكد المصدر أن نحو 600 شخص بين مدني وعسكري غادروا برزة باتجاه إدلب، بعد دفعة أولى غادر فيها نحو 1500 شخص إلى الشمال، في الثامن من أيار الجاري.
صحيفة “المدن” اللبنانية، نقلت عن مصادرها في القابون، أن ما يقارب 1240 شخصًا خرجوا الجمعة من أحياء برزة وتشرين والقابون إلى إدلب، بينهم لا يقل عن 600 عنصر بسلاحهم الفردي، من أحياء تشرين والقابون والغوطة الشرقية، مشيرة إلى أن الدفعة الثالثة قد تكون الأحد 14 أيار.
مصادر “المدن” أكدت أن ما يقارب 25 عنصرًا من المعارضة سلموا أنفسهم إلى قوات الأسد في حي تشرين، لإجراء “تسوية محلية” لا تتضمن تهجيرًا، بينما بقي حوالي 40 مقاتلًا يتبعون إلى “جيش الإسلام” في الحي، اشترطوا على وفد المعارضة المفاوض مع النظام، أن يتم الاتفاق مع “فيلق الرحمن” لنقلهم إلى مدينة دوما دون أن يتعرض لهم “الفيلق”، أو إرسال حافلات لتقلّهم عبر مناطق النظام، مباشرة إلى مدينة دوما، معقل “جيش الإسلام” في الغوطة الشرقية، عبر معبر مخيم الوافدين.
تسريبات “فاضحة”
موقع “مراسل سوري” نشر عبر موقعه الإلكتروني تسجيلات صوتية، منسوبة لقادة ووجهاء في حي القابون، توضح نيتهم المسبقة تسليمه لقوات الأسد، وسعيهم لإخراج أكبر عدد من المقاتلين منه باتجاه إدلب، عبر الحافلات التي سيرسلها النظام السوري.
وذكر موقع “مراسل سوري” أن أول التسريبات الصوتية الثلاثة، هي لـ “أبو زاهر المدني”، أحد وجهاء الحي، يتحدث فيه مع صلاح الخطيب (أبو ياسين بلوة)، أحد مسؤولي التفاوض في القابون ويقيم في دمشق، أكد له أن أمور المفاوضات تجري في الحي على قدم وساق، وأن جميع القادة العسكريين أبدوا الموافقة السرية على تسليمه، بمن فيهم قادة “فيلق الرحمن” و”أحرار الشام”.
وعرض الموقع تسجيلًا صوتيًا قال إنه لـ “أبو رضا المدني”، شقيق “أبو زاهر”، وهو قائد “اللواء الثامن” في حي القابون، والتابع لـ “جيش الإسلام”، موجهًا إلى “أبو ياسين القاضي” أحد وجوه لجنة التفاوض، صرح من خلاله نيته عدم الانخراط في أي معارك مقبلة، ونيته الجدية بالانسحاب إلى الغوطة الشرقية، مؤكدًا أن ما يقوم به حاليًا هو “حقن لدماء مئات الشباب في حي القابون”.
“جيش الإسلام” يرد
ورد “جيش الإسلام” على التسريبات الصوتية، في بيان خطي، السبت، جاء فيه أن “بعضًا من ضعاف النفوس من أهالي المنطقة تواصلوا مع أذناب العصابة المجرمة، وغرروا بعدد من الأسر في القابون، بالذهاب إلى حي برزة المهادن، لإجراء عمليات المصالحة دون علم قيادات القطاع”.
ووصف البيان الجهة الإعلامية الناشرة للتسريب بـ “مروجي الفتن”، لكنه أشار إلى أن التسجيل قد “أحيل إلى الجهات المختصة في جيش الإسلام للتحقق من صحته، وفي حال التأكد من أن هذا التسجيل يعود فعلًا لأحد منسوبي الجيش فسيتم إحالة صاحبه للقضاء ومحاسبته”.
وأعلن “جيش الإسلام”، في البيان، “تبرؤه” من هذا الفعل، مشددًا على ضرورة تشكيل غرفة عمليات فورية، للحفاظ على حيي القابون وتشرين.
لكن المصادر المتطابقة، تؤكد أن الحيين أوشكا على السقوط بشكل كلي بيد النظام السوري، في ظل خروج الفصائل منهما، وفي إطار اتفاقية “سرية البنود”، لتأتي مناشدات “جيش الإسلام” في الوقت الضائع.
سيطرت المعارضة على أحياء القابون وبرزة وتشرين في أواخر عام 2011، ودخلت في هدنة مع النظام السوري مطلع عام 2014، وخضعت منذ ذلك الوقت لسيطرة ثلاثة فصائل رئيسية، “جيش الإسلام”، “فيلق الرحمن”، و”أحرار الشام”.