مجلسٌ مدني جديدٌ في إدلب.. هل يسلمه “جيش الفتح” مفاتيح المدينة؟

  • 2017/01/22
  • 2:47 ص
نتائج انتخابات المجلس المحلي الجديد في مدينة إدلب - 18 كانون الثاني 2017 (عنب بلدي)

نتائج انتخابات المجلس المحلي الجديد في مدينة إدلب - 18 كانون الثاني 2017 (عنب بلدي)

إدلب – عفاف جقمور

شهدت مدينة إدلب في 18 كانون الثاني الجاري، انتخاب ممثلي المجلس المحلي ليشكلوا الإدارة المدنية الجديدة، ومهمتها استلام القضايا الخدمية والمدنية بشكل كامل، من الإدارة التابعة لـ “جيش الفتح”، التي عملت في المدينة منذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، في آذار من عام 2015.

ووفق مصادر عنب بلدي، كان من المقرر أن يعقد رئيس إدارة المدينة الحالي، محمد الأحمد، كممثلٍ عن “جيش الفتح”، اجتماعًا مصغرًا مع الهيئة التحضرية للإدارة المدنية الجديدة، السبت 21 كانون الثاني، بصدد الإعلان عن آلية العمل المقبلة، إلا أنه تأجل حتى الأحد، لبحث الوصول إلى صيغة مشتركة.

الإدارة السابقة اعتمدت في عملها على الفصائل المشكلة لـ “جيش الفتح” بشكل كامل، ووزعت مهامها على مؤسسات الإدارة المدنية، والأمنية، والشورى، والهيئة، والدعوة والأوقاف، من خلال حصص بدأت العمل عقب “تحرير” إدلب، في آذار 2015، من خلال البحث عن حلول للكهرباء والاتصالات وغيرها من الخدمات.

ورغم عملها لاقت الإدارة انتقادات واسعة، بسبب تغلغل العسكريين في مفاصلها، إضافة إلى عجز ميزانيتها عن الإحاطة بكافة الأمور الخدمية إداريًا وعسكريًا. كما حُمّلت في أكثر من مرّة المسؤولية وراء استهداف المدينة لانتشار العسكر في شوارعها وفشل الإدارة في إخراجهم إلى الجبهات.

دعا ذلك إلى العمل على تسليمها لإدارة مدنية جديدة، على أن يديرها أفراد من أهالي المدينة.

الخطوة الأولى من نوعها في المدينة

– سيطرت فصائل “جيش الفتح” على مدينة إدلب في 28 آذار 2015.
  • استلمت الفصائل إدارة المدينة، منذ ذلك الوقت، وعملت على تأسيس إدارة تابعة لها.
  • تبعت لهذه الإدارة مؤسسات القضاء والتعليم والصحة والخدمات والقطاعات الرئيسية.
  • واجهت انتقادات كبيرة، رغم نجاحها النسبي في ضبط مفاصل المدينة.
  • طالب مواطنون بإدارة مدنية وقضائية تحكم العسكر ولا يتدخلون بمفاصلها “تبعًا لأهوائهم”.
  • بدأت التحضيرات لإدارة مدنية جديدة نهاية العام 2016.
  • ونظمّت فعاليات الانتخابات “الحرة” مطلع العام الجاري.
  • مدّدت العملية الانتخابية لثمانية أيام بسبب إقبال الناخبين الذين زاد عددهم عن ألف مواطن.
  • انتهت العملية الانتخابية في 18 كانون الثاني 2017، بتسمية عشرة منتخَبين لإدارة مكاتب مجلس المدينة، و15 لمراقبتهم ومتابعة عمل المجلس.

في الساعة الثامنة من مساء الأربعاء 18 كانون الثاني، أغلقت صناديق الانتخاب وبقي المرشحون والمندوبون عنهم ليشهدوا عملية الفرز، التي أشرفت عليها لجنتا الانتخابات والمراقبة، وضمت ثلاثة محامين.

براء الزير، عضو لجنة إدارة الانتخابات، قال لعنب بلدي، إن لجنة المراقبة أشرفت على عملية الفرز، معتمدةً على نظام المربعات (عبارة عن لوح كبير يوضع أمام المرشحين لرؤية النتائج).

كانت الانتخابات الأولى من نوعها في المدينة، ولاقت قبولًا بين الأهالي، ووفق بسام زيداني، عضو اللجنة، فقد عملت على تنظيم العمل لتفادي المشاكل التي من الممكن أن تحدث، موضحًا لعنب بلدي “اشترط في الانتخاب حضور الشخص، ولم نسمح بأن ينتخب بالنيابة، وحتى في حالة فقدان الهوية أجزنا الاعتماد على أي وثيقة أخرى رسمية”.

منحت اللجنة لكل مُنتخِب الحق باختيار 25 مرشحًا، كحد أقصى، وقال عبد الرزاق سميع، أحد المنتخبين، إنه اختار خمسة مرشحين “على أساس الأقدر والأكفأ، والمعروفين بأنهم سيقدمون مشاريع تخدم البلد، والذين لم تسنح الفرصة لهم للعمل وهُمّشوا سابقًا”.

أما الناخب شريف غفير، انتخب 13 مرشحًا “من أصحاب المعرفة والخبرة والشهادة الأفضل”، موضحًا لعنب بلدي “انتخبت المحامي أيمن أسود، الذي يحاول أن يقدم خدماته للبلد، لكنه لم يعمل في أي مؤسسة سابقًا رغم أنه يملك خبرة جيدة، فنحن نحتاج من يحمل هم البلد في هذه الفترة”.

عشرة أشخاص لإدارة مكاتب المجلس

عقب انتهاء الانتخابات، التي شارك فيها أكثر من ألف ناخب، نجح 25 شخصًا من أصل 60 مشاركًا، لإدارة المجلس المحلي المزمع تشكيله، والذين سينتخبون عشرة أعضاء منهم للعمل في إدارة المكاتب الرئيسية ضمن المجلس.

بينما يجتمع الأعضاء الـ 15 الباقون شهريًا، لمناقشة سير عمل المجلس، ويضعون الخطة الشهرية للعمل.

عنب بلدي تحدثت إلى محمد سليم خضر، رئيس لجنة إدارة الانتخابات، وقال إن عمل المكاتب التنفيذية سيكون وفق لوائح وزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة، مؤكدًا أن “المجلس لن يُعنى بالأمور السياسية، وإنما سيكون دوره خدميًا لإدارة المشاريع التنموية وتوفير الخدمات لأهالي المدينة”.

ووفق من استطلعت عنب بلدي آراءهم من أهالي المدينة، لاقى تشكيل المجلس قبولًا ومساندةً في ظل صعوبات أبرزها تأمين الخدمات الأساسية، كالماء والكهرباء والمواصلات والخبز، إضافة إلى غياب الأمن في المنطقة، وهذا ما دعا إدارة “الفتح” وفعاليات المجتمع المدني (البيت الإدلبي، مجلس الأعيان…) للبحث عن حل.

المنتخبون الجدد.. ما هو دور المجلس؟

لم يعلّق “جيش الفتح” رسميًا على انتخاب الإدارة الجديدة، ولم يعلن تسليم “مفاتيح” المدينة لها، وهو أمرٌ ربما يبقى محلّ جدلٍ في الأيام القليلة الماضية.

عنب بلدي تواصلت مع بعض الأعضاء الناجحين، ومنهم طريف سيد عيسى، وقال إن علاقة المجلس الجديد مع “جيش الفتح”، هي علاقة تنسيق وتكامل مع استقلالية كل طرف في مجال عمله، مشيرًا إلى أنه “سيسعى لبدء مشاريع إنتاجية من خلال تفعيل الدوائر والمؤسسات”.

أما عامر كشكش، صاحب المركز السادس في عدد الأصوات، فأشار إلى أن “جيش الفتح سيدير الأمور العسكرية، بينما سيتولى المجلس الأمور المدنية بالكامل”، لافتًا “يوجب العمل أن نمتلك كامل الصلاحيات داخل المدينة”. بينما قال عبد القهار زكور، الذي نال المرتبة الثانية، إن العلاقة بين الطرفين لم تتوضح بعد، والعمل جارٍ لوضع نظام داخلي لإقرار رؤيتنا حول الأمر.

وفقًا لأعضاء المجلس الجديد، فإن الاجتماعات تجري حاليًا لوضع نظامٍ داخلي، وانتخاب أعضاء المكاتب التنفيذية، وأكد كشكش “سنقدم كافة الأمور الخدمية باستثناء الأمور العسكرية، وسنضع صبغة مدنية جديدة، من خلال خطط إسعافية وأخرى بعيدة المدى”، مشيرًا إلى أنه “لا بد أن ننسى موضوع المنظمات والدعم الخارجي ونحاول أن نؤمّن موارد استثمارية خاصة بنا”.

يرى البعض أن “جيش الفتح” سيحاول الالتفاف وإحكام سيطرته على المجلس الجديد بشكل أو بآخر، وأن تشكيله مجرد “خطوة شكلية لاستجلاب الدعم الذي لا يمكن الحصول عليه من المنظمات، في حال إشراك العسكر ضمن المجلس”.

بينما يُجمع أهالي إدلب أن تجربة كهذه، تجعل طموحات سكان المدينة على مفترق طرق جديد، مصيره إما النجاح والمضي قدمًا، ليكون المجلس المستحدث أيقونة لمدينة تضم العدد الأكبر من المعارضة في الشمال السوري، أو “دفع ثمن باهظ جديد كما في السابق”.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا