عنب بلدي – خاص
لم يمض أسبوعان على اتفاقٍ مع النظام السوري فرّغ مدينة داريا في الغوطة الغربية من أهلها، حتى فرض النظام شروطًا تحت تهديد السلاح على جارتها معضمية الشام، بينما اتفق مع لجنة حي الوعر المحاصر في حمص، على العودة إلى الاتفاقيات السابقة في الحي، والتي نقضتها قوات الأسد في وقت سابق.
ووسط زحمة الاتفاقات، بعضها يجري وآخر يتحدث مراقبون عن قُرب حدوثه، تتهم المعارضة النظام السوري وداعميه الرئيسيين روسيا وإيران، بمحاولة تنفيذ خطة “خبيثة” تقضي بتغيير ديموغرافي واسع النطاق في أنحاء سوريا.
اتفاق الوعر يعود إلى الهدنة السابقة
بعد تعثر الاتفاقية السابقة بين ممثلي لجنة المفاوضات في حي الوعر والنظام السوري، إثر رفض الأخير تنفيذ بند الإفراج عن المعتقلين، اتفق الطرفان مجددًا بعد أيام عصيبة عاشها أهالي الحي وسط القصف المكثف، على العودة إلى شروط الهدنة السابقة، بعد لقاءات ومشاورات استمرت لساعات.
وتوصلت الفعاليات العسكرية والمدنية في الوعر، إلى “اتفاق مبدئي” مع النظام السوري، يقضي بالعودة إلى الشروط السابقة، ويشدد الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار لفترة غير محددة، ورفع الحصارعن الحي، ومغادرة من يرغب من المقاتلين إلى خارج الوعر.
الاتفاق جاء حصيلة مفاوضات بين لجنة التفاوض في الحي، مع رئيس شعبة المخابرات العامة في حمص، اللواء محمد ديب زيتون، مساء الأربعاء 31 آب الماضي، وينصّ على وقف القصف بشكل كامل والعودة إلى حالة التهدئة غير المحددة بوقت ثابت، وفق مراسلة عنب بلدي في الحي.
ولم يشهد بند إطلاق سراح المعتقلين أي تطور حتى السبت 3 أيلول، إلا أن الطرفين اتفقا على عقد جلسة (لم يحدد وقتها) بين ممثليهما، لبحث مسألة المعتقلين.
بنود اتفاق الوعر السابق
شهد حي الوعر أواخر العام الماضي (2015)، هدنة بين المعارضة وقوات الأسد، برعاية الأمم المتحدة على أن ينفذ وفق ثلاث مراحل، ترتبط كل مرحلة بالضرورة مع سابقتها، بحيث لا ينتقل إلى التالية قبل الانتهاء من التي تسبقها.
تنص المرحلة الأولى على وقفٍ كاملٍ لإطلاق النار، ومغادرة كل من يعمل على تعطيله أو خرقه خارج الحي، وتقديم لائحة بالسلاح المتوسط والخفيف لتسليمه في المرحلة الثانية، إلى جانب السماح للمنظمات الإنسانية بالقيام بعملها، وفتح معبر “دوار المهندسين” للمشاة فقط، إضافة إلى تحضير لوائح تضم المفقودين والمعتقلين ليفرج عنهم في المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية تتضمن جمع السلاح الخفيف والمتوسط، من خلال لجنة مشتركة مشكلة من لجنتي الحي والنظام، ويبقى السلاح في مستودعات ضمن الحي، دون السماح باستخدامه، وتحت إشراف اللجنة المشتركة.
وفي المرحلة ذاتها اتفق الطرفان على فتح الطرق المؤدية إلى المؤسسات العامة، على أن تحصل اللجنة المشتركة على مخطط للألغام والأنفاق في الحي، باستثناء منطقة الجزيرة السابعة، وتسهيل عودة الأهالي المهجرين والنازحين، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين، وتسليم السلاح المتوسط والثقيل في مستودعات الحي إلى النظام، بحيث تكون مدة تنفيذ المرحلة من 15 إلى 25 يومًا.
وتقضي المرحلة الثالثة بإنهاء دراسة ومعالجة قضية البساتين والجزيرة السابعة، المختلف عليها، من خلال اجتماع الطرفين، وخروج المقاتلين الراغبين من الحي.
ونسفت العودة إلى الاتفاق القديم جميع البنود التي وقع عليها مجموعة من مشايخ ودعاة حيّ الوعر، في إطار “حقن الدماء”، وفق بيان نشر الثلاثاء 30 آب، عازين السبب “نرى من المصلحة الشرعية الموافقة على خروج الدفعة المطلوبة لاستمرار الحالة التفاوضية بما يخدم مصلحة سكان الحي المحاصر”.
النظام يهدد بـ “حرب شاملة” في معضمية الشام
170 كيلومترًا بعيدًا عن الوعر، يرزح قرابة 50 ألف مدني داخل معضمية الشام، ويحاصرهم النظام السوري، مهددًا بـ”حرب شاملة”، في حال رفض أهلها شروط اتفاق اقترحها الأربعاء 31 آب.
مصدر إعلامي من “لواء الفتح المبين” العامل في المدينة، قال لعنب بلدي، إن لجنة التفاوض (مكونة من فعاليات عسكرية ومدنية)، اجتمعت في مقر الفرقة الرابعة مع العميد غسان بلال، بحضور وفد روسي.
وطالب الروس والنظام السوري بشروط أولها تسليم كامل للسلاح في المعضمية، وتسوية شاملة تطال جميع أبنائها وكل من حمل السلاح ضد النظام، إضافة إلى المنشقين والمتخلفين عن الجيش مع ضمان عدم التعرض لأحد، من خلال مكتب تسوية.
ويؤكد البند الثالث من الشروط على دخول كافة دوائر الدولة إلى المدينة، وخروج من لا يريد التسوية إلى خارجها بسلاحه الفردي (إلى إدلب أو حلب)، وفي حال رفض الشروط سيتم إخلاء المدنيين، وبدء حرب شاملة في المدينة.
لم يشهد اتفاق المعضمية أي تطور حتى السبت 3 أيلول، بينما خرج 310 أشخاص من أهالي مدينة داريا، إلى بلدة حرجلة في ريف دمشق، الجمعة الماضي.
ويرى مراقبون غربيون أن النظام ينفذ سياسة “تطهير سياسي وعرقي”، بعد عجزه عن دخول المناطق التي يعقد اتفاقات فيها بقوة السلاح، ويتهم ناشطو سوريا الأمم المتحدة بدعمها لنظام الأسد في تلك السياسة، كما اعتبر باحثون بريطانيون أن الأمم المتحدة “تشعر بأنها تؤدي عملًا جيدًا، بينما تغيب عنها الصورة الكبرى بشكل كامل”.